Explore the vast range of titles available.

يبدو أن المرجع الإبداعي السيادي في الساحة النقدية هو الأدب الذكوري. غير أن القراءة الفعلية على الساحة الأدبية بدأت بالترجل عن تلك السيادة متجهة صوب التجلي النسوي الذي أثبت وجوده داخل البنية الأدبية والاجتماعية معا. لاسيما مع حضور متلق واع أدرك الخطاب الجمالي والفني الذي ترسمه المرأة بعيدا عن تبجح الجسد. بل انطلاقا من تميز النص الأدبي المطروح.. وهذا ما يحاول البحث عرصه من خلال عرض القراءات النقدية النسوية للأدب الذكوري المتمثل في أدب عبد الرحمن منيف لاسيما في روايته (مدن الملح).

حاول عدد من الروائيين تسليط الضوء على الأزمات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية في العالم العربي، حتى استحوذت تلك الموضوعات على جو رواياتهم، لاسيما الكتاب الذين عايشوا تلك الأزمات وتأثروا بها، فحاولوا تصويرها، أو تجسيدها واقعيا، وبثها في ثنايا رواياتهم، من خلال أبطال تقمصوا دور الشخصية العربية المثقفة، وصوروا حال التهميش، والتنكيل السياسي الذي لحق بهم، ثم رصدوا التعذيب اللاإنساني الذي تواجهه هذه الشخصية في سجون السلطة، وكذلك التصفية الجسدية التي يتعرض لها المثقف المطالب بحقه، بوصفه بشرا له حق الحرية، والعيش بكرامة، أسوة بالمواطن الغربي، وهي المسألة التي مثلت جوهر ما تعرض له منيف في أعماله الروائية، لاسيما وهو يرى وجوب أن يكون المثقف سياسيا، فدوره ليس بديلا عن العمل السياسي، وإنما يفترض أن يكون جزءا منه لهذا وجدناه يوطئ مواطن ما كان لروائي سعودي آخر يجرئ على التقرب منها، لأنه يرى أن الكاتب الروائي \"يحتاج إلى استعداد ومثابرة، وصبر وشعور عال بالمسؤولية إضافة إلى الصدق وشيء من الشجاعة. من هنا رصدت رواياته جدلية الصراع القائمة بين الحاكم، والمحكوم، واستجلاء النضال السياسي، وما يتبعه من اعتقال، وقمع، وقهر، وحبس للمثقف في الزنازين، وسجون التعذيب، فضلا عن تناولها ثنائية الأنا والآخر القائمة بين الشرق والغرب، وكشف التغيرات الاجتماعية التي لحقت بالبيئة الصحراوية العربية، وحولتها إلى مدن حضرية. وقد نمتاز الكاتب بإضافته على تلك المواقف الواقعية، مواقف جريئة تمسك بها في كثير من كتاباته، مستوعبا المرحلة التي ينتمي اليها، وهذا ما حال به منفيا عن بلده يتنقل بين الدول العربية، لا يجد له مستقرا، فأصبح روائيا شموليا غير محدود جغرافيا، يحمل هموم الوطن العربي في جعبته الأدبية، وهو ما لفت أنظار الكثير من الدارسين الذين استوعبوا مواضيع رواياته، فتناولوها بالبحث والتحليل.

يحاول هذا البحث أن يضئ قسماً من اشتغالات تجليات الزمن في روايات عبد الرحمن منيف، فهو لا يحاكي الناقد بعيداً عن نصه، بل يفتش بين ثنايا النص المطروح عن الرؤي النقدية والأهداف المعنية وملامح البناء الزمني بوصفه مكوناً حيوياً وعنصراً أساسياً لا يمكن إغفال تأثيره على مكونات البناء السردي الأخرى من (حدث، ومكان، وشخصية) لأن جميع الأحداث تقع متماهية بشكل عمودي على خط الزمن، أما المكان فيحاكي عقارب الوقت فيه، بينما الشخصيات لا تتحرك إلا بخيوطه المشعة في فضاء الرواية، وعليه انفتح البحث على بعض الدراسات التي تناولت الزمن في رواية (شرق المتوسط)، وقد قسم - وحسب أبعاده الأكاديمية - على مطلبين: تناولنا في الأول اشتغالات الزمن في رواية شرق المتوسط في الكتب النقدية، بينما عالج المطلب الثاني اشتغالاته في الرواية نفسها في الدراسات الأكاديمية