Explore the vast range of titles available.

هذا البحث سيتناول إشكالية خلق العالم في الفكر الديني اليهودي عامة، وعند \"سعديا الفيومي\" خاصة، ومسألة خلق العالم هي من أهم المسائل التي تناولتها الأديان بشكل عام، لأنها بمثابة الأساس العقدي الذي تبنى عليه جل القضايا العقدية الأخرى بصورة عامة في جميع الأديان والثقافات، وقد اشتغل الباحثون قديما وحديثا بالبحث في هذه المسألة، ولا يزال التساؤل قائما عن المبدأ والمصير في كل دين وفكر، والكل يفسر ذلك حسب معتقده وفهمه، ففي الفكر الديني اليهودي اختلفت النصوص في تفسير عملية الخلق، نظرا لاختلاف الروايات الواردة في التوراة، واختلفت تبعا لذلك التأويلات الواردة لهذه الروايات، وقد كان \"سعديا الفيومي\" ممن تعرض لدراسة هذه المسألة، فقد بحثها في إطار منهج دقيق يجمع بين العقل والنقل، حيث قدم النص على العقل في بعض المواضع، ليدل على تمسكه بالنص، ولجأ إلى التأويل في بعض المواضع، ليدل على توافق النص مع العقل، وتأثر في ذلك بالمنهج الكلامي الإسلامي، خاصة وأنه ولد ونشأ في بيئة إسلامية عربية، فاستفاد من علماء الكلام في الإسلام، واستطاع أن يستخدم منهجهم في الدفاع عن معتقده وفكره في مسألة خلق العالم، وهناك قدر كبير من التشابه بين آراء \"سعديا الفيومي\" وبين آراء علماء الكلام في الإسلام، سواء فيما ذكره من أدلة على رأيه في خلق العالم، أو في ردوده على المخالفين له من اليهود وغيرهم، ممن ذكرهم تفصيلا في مؤلفاته. لأجل ذلك كانت هذه الدراسة، التي تناولت إشكالية خلق العالم في الفكر الديني اليهودي عامة، وعند \"سعديا الفيومي\" خاصة، وهو معروف باتجاهه الكلامي، وقد قسمت البحث إلى ثلاثة مباحث: المبحث الأول: في ترجمة سعديا الفيومي والتعريف به، أما المبحث الثاني فكان في إشكالية خلق العالم في الفكر الديني اليهودي، فيما تضمن المبحث الثالث: إشكالية الخلق عند سعديا الفيومي، مع ذكر ردود سعديا على المخالفين، ثم الخاتمة التي اشتملت على أهم النتائج.